تعريف الوساطة التجارية في السعودية لا يقتصر على كونها مجرد وسيلة لحل النزاعات، بل هي واحدة من الأدوات القانونية المُعتمدة حديثاً والتي تهدف لتسوية الخلافات التجارية بطريقة ودية وفعالة، وذلك بعيداً عن تعقيدات القضاء. وقد برز دور خبير وساطة تجارية معتمد كحلقة وصل موثوقة بين الأطراف المتنازعة، يعمل وفق ضوابط قانونية محددة.
ومن خلال مقالنا، من المهم أن نتعرف على تعريف الوساطة التجارية وشروطها المعتمدة في النظام السعودي، و الفرق بين الوساطة والوكالة. كما سنسلط الضوء على فوائد الوساطة التجارية في السعودية.
ما هي الوساطة التجارية؟
الوساطة التجارية هي إجراء يتم من خلاله التفاوض بين الأطراف المتنازعة بمساعدة وسيط محايد، هدفه الرئيسي هو إيجاد حل يرضي جميع الأطراف. يتميز هذا النظام بالمرونة والسرعة مقارنة بالطرق التقليدية لحل النزاعات، مثل التقاضي في المحاكم. في الوساطة، لا يتم فرض القرار على الأطراف، بل يتم التوصل إلى اتفاق يرضيهم بشكل طوعي.
الوساطة تعد من الأنظمة المفضلة في المملكة العربية السعودية، حيث تتوفر على مزايا كبيرة في المجالات التجارية. فهي تساهم في تحسين بيئة الأعمال وتسهيل عمليات التفاوض، مما يعزز من الاستقرار التجاري والاقتصادي في البلاد.
شروط الوساطة التجارية
تتم الوساطة التجارية وفق شروط وقواعد محددة لضمان نجاحها وسلامتها القانونية. من أبرز هذه الشروط:
- وجود اتفاق مكتوب بين الأطراف: يجب أن يتفق الأطراف المتنازعة على قبول الوساطة قبل البدء في الإجراءات. يمكن أن يكون هذا الاتفاق جزءًا من العقد الأصلي أو يتم توقيعه بعد نشوء النزاع.
- اختيار الوسيط: يتم اختيار الوسيط وفقًا لمؤهلاته وخبراته في المجال التجاري. يُفضل أن يكون الوسيط خبير وساطة تجارية معتمدًا، حيث يمتلك المهارات اللازمة لفهم التفاصيل الدقيقة في المنازعات التجارية وتحقيق التوازن بين الأطراف.
- السرية: يجب أن تكون جميع المناقشات والمعلومات التي يتم تداولها خلال الوساطة سرية. لا يمكن للوسيط استخدام هذه المعلومات ضد الأطراف في حال اللجوء إلى المحكمة لاحقًا.
- الحياد: يجب أن يكون الوسيط محايدًا تمامًا بين الأطراف، ولا يتخذ أي موقف أو جانب في النزاع. يُعد الحياد من أساسيات نجاح الوساطة التجارية، حيث يضمن أن يتم التوصل إلى حل عادل ومتوازن.
- التزام الأطراف بالنتائج: رغم أن الوساطة تعتمد على مبدأ الطوعية، إلا أن الأطراف يجب أن يكونوا مستعدين لقبول نتائج الوساطة إذا تم التوصل إلى اتفاق.
فوائد الوساطة التجارية
الوساطة التجارية تقدم العديد من الفوائد التي تجعلها خياراً مفضلاً في حل المنازعات التجارية. من أبرز فوائدها:
- السرعة: يمكن أن تستغرق الوساطة وقتًا أقل بكثير من التقاضي في المحاكم. في كثير من الحالات، يمكن حل النزاع في غضون أسابيع قليلة، مما يوفر وقتًا ثمينًا للأطراف المتنازعة.
- التوفير في التكاليف: بالنظر إلى أن الوساطة لا تتطلب رسومًا قانونية مرتفعة أو إجراءات محكمة معقدة، فإنها تعتبر خيارًا أقل تكلفة مقارنة بالتقاضي التقليدي.
- الحفاظ على العلاقات التجارية: الوساطة تتيح للأطراف المتنازعة التوصل إلى حلول ودية تحافظ على علاقتهم التجارية. بخلاف المحاكم، التي قد تؤدي إلى تدهور العلاقة بين الأطراف، توفر الوساطة فرصة لحل الخلافات بطريقة توافقية.
- المرونة: الوساطة تتيح للأطراف المتنازعة المرونة في اختيار الوسيط والمكان والوقت لإجراء الجلسات. كما أن الأطراف هم من يقررون الحل الذي يناسبهم.
- حماية السمعة: التعامل مع النزاعات عبر الوساطة يمكن أن يحمي سمعة الأطراف التجارية، حيث تكون الأمور أكثر سرية ولا تذاع عبر وسائل الإعلام.
الفرق بين الوساطة والوكالة
على الرغم من أن الوساطة والوكالة قد تبدو متشابهة في بعض الأحيان، إلا أن هناك فرقاً جوهرياً بينهما. الوساطة هي عملية تسوية نزاع بين طرفين بمساعدة طرف ثالث محايد، بينما الوكالة هي علاقة قانونية بين شخصين يسمح فيها أحد الأطراف (الوكيل) بالتصرف نيابة عن الطرف الآخر (الموكل).
- الهدف: الهدف من الوساطة هو حل نزاع قائم بين الأطراف بشكل ودي، بينما الهدف من الوكالة هو تمثيل الموكل في إجراء معين وفقًا للاتفاق بين الطرفين.
- الطبيعة: الوساطة تقتصر على النزاعات، بينما الوكالة تتعلق بالتمثيل القانوني أو التجاري.
- السلطة: الوسيط لا يملك سلطة اتخاذ القرارات نيابة عن الأطراف، بل يسعى فقط لتسهيل الوصول إلى اتفاق. أما الوكيل، فيتمتع بسلطة قانونية للتصرف نيابة عن الموكل في الأمور المحددة في الوكالة.
- التطبيق: الوساطة تستخدم بشكل رئيسي في حل النزاعات، بينما الوكالة يمكن أن تستخدم في العديد من الأنشطة التجارية مثل التفاوض على العقود أو إدارة الأعمال.
المصادر.